أشرقت الشمس فوق بيت فريد, وأطلت عليه من النافذة فوجدته حزينا, سألته بعجب: لماذا أنت حزين يا فريد؟
رد عليها فريد بصوت خافت: اليوم رحلة الصف, وأنا لن أسافر مع طلاب صفي لأني لا أملك مصاريف الرحلة. قالت له الشمس وهي تبتسم: لا تقلق يا فريد عندما تكبر سيكون معك نقود, وستسافر الى حيث تحب. فودعته الشمس. أما فريد فتخيل أولاد صفه وهم يضحكون ويمرحون في رحلتهم, فترقرقت الدموع في عينيه ثم سقطت على الارض, وفوجىء فريد حين تخيل هذه الدموع تتكور وتتحول إلى ثلاث بيضات ملونه. ولم تمض لحظات حتى تحولت البيضات الثلاث الى ثلاثة صيصان ملونة, ترقص وتطلق أصواتاً جميلة. طار فريد من الفرح وأحس بأنه يملك كنزا عجيبا. تساءل بعجب: من أين جاءت هذه الصيصان؟ نظر من النافذة وقال: سأخرج مع هذه الصيصان في رحلة إلى البحيرة, وسأستمتع اليوم هناك وأفحص ما الذي يمكن ان يحدث لهذه الصيصان .
أخذ فريد يعدو بمرح وهو ينظر إلى صيصانه. كانت تعدو خلفه وهي تطلق الأصوات الجميلة كسقسقة العصافير. أزداد جمال الطبيعة لفرحة فريد ومتعته. أقترب من صخرة وجلس عليها ليستريح. أخذ يتأمل صيصانه التي كانت تحكي لبعضها حكايات غريبة!
نظر فريد نحو الأشجار فلمح بيتا صغيراً على مقربة من الطريق. وكانت قرب البيت شجرة لوز مزهرة. أثارت أزهار اللوز إعجابه فأقترب منها. نادته الشجرة وقالت: تعال يا فريد "سلّيني" لقد سئمت من الليل والوحدة. إن أهل البيت لا يتكلمون معي, ولا حتى مع بعضهم فلا أتسلى بأحاديثهم !!
دنا فريد من الشجرة وهو يعجب من حالها, أشفق عليها وفكّر قليلاً ثم قال: سأعطيك صوصاً من صيصاني هدية. فيمتعك بقصصه لأنه يحب الحكايات والقصص.. فهل أنت الآن سعيدة؟
أجابت الشجرة: نعم إني سعيدة... شكراً لك يا فريد.
خطر ببال فريد أن يغادر هذا المكان بسرعة قبل أن يفقد الصوصين الذين بقيا معه, وما إن خطا خطواته الأولى حتى أطلت بنت خلف المنزل تحمل سلة غسيل, وعلى وجهها تبدو علامات الوحدة والملل.خجلت البنت من وجود فريد, وشعرت بالخوف, ثم أسرعت نحو البيت. فقال لها فريد: لا تخافي ... أنا فريد! أملك صيصاناً سحرية ملونه وصوتها جميل. أستغربت الفتاة من كلام فريد لكنها لم تقترب منه. حدّقت بالصوصين, فقدم لها فريد أحدهما وقال لها: ما رأيك ان نصبح صديقين؟! لم تجبه البنت. حملت الصوص وأسرعت نحو البيت وهي تنظر إلى فريد بخجل. فرح فريد لأن البنت أخذت الصوص منه, حمل صوصه الأخير, وأخذ يعدو نحو البحيرة بفرح ومتعة وصورة البنت لا تفارق خياله. وصل فريد إلى ضفاف البحيرة... وجلس يتذكر المكان الغريب الذي صادفه في طريقه. ولمح من بعيد قارباً يقوده شيخ, دنا القارب من فريد وفوجىء بالصوص يقفز نحو القارب الذي أبتعد عنه بسرعة وأختفى عن أنظاره ... حزن فريد لفراق الصوص الأخير حزناً شديداً وأحتار مما يحدث له.
عاد ادراجه إلى بيته, وهو يتمنى أن يجد البنت التي أعطاها الصوص خارج بيتها لكي يروي لها ما حصل له. لكنه فوجيء بأن البيت والشجرة والعصفور والطفل والبنت قد أختفوا جميعاً, ولم يشاهد في ذلك المكان سوى الأشجار, والاعشاب والعصافير والشمس التي أوشكت على المغيب. ومع ذلك فرح فريد لأنه تخيل هذه القصة التي أنسته الملل والوحدة ولو لفترة قصيرة, وعاد الى بيته سعيداً.